القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث الموضوعات

السفتجة/ الكمبيالة 

هي إحدى أقدم أنواع السندات التجارية القانونية، والتي يمكن تعريفها بأنها: صك محرر وفق شكل معين، يأمر بموجبه شخص اسمه "الساحب" شخصاً آخر اسمه "المسحوب عليه" بأن يدفع في مكان محدد مبلغاً نقدياً في تاريخ معين أو بمجرد الاطلاع، لأمر شخص ثالث اسمه "المستفيد". 

ويتبين لنا من هذا التعريف أن السفتجة يفترض فيها وجود ثلاثة أشخاص وهم: 

1- الساحب "وهو الآمر بالدفع". 
2- المسحوب عليه "وهو المأمور بالدفع". 
3- المستفيد "وهو الدائن بمبلغ السفتجة الذي صدر أمر الوفاء لمصلحته". 

واختلفت القوانين التجارية للدول العربية في تسمية هذه الورقة التجارية، فبعض تلك القوانين أطلق عليها تسمية "السفتجة" كالقانون السوري والعراقي واللبناني والجزائري، أما باقي قوانين الدول العربية الأخرى فتطلق عليها اسم "الكمبيالة". 

وتنشأ السفتجة في الأصل لتسوية علاقة قانونية سابقة بين الساحب والمستفيد ترتب عنها دين للمستفيد في ذمة الساحب، والساحب من أجل إبراء ذمته من هذا الدين، يقوم بسحب السفتجة لمصلحة المستفيد، ويتعهد له بأنه سيقبض قيمتها من المسحوب عليه الذي وجه له أمراً بالدفع، وهذا الأخير يكون في ذمته مقابل الوفاء وهو دين بمبلغ معين من النقود مترتب للساحب في ذمة المسحوب عليه يمثل علاقة مستقلة عن سحب السفتجة، ويشترط في هذا المقابل أن يكون مبلغاً من النقود، وأن يكون موجوداً لدى المسحوب عليه في تاريخ استحقاق السفتجة ومساوياً على الأقل لمبلغها. 

إنشاؤها 

لتنشأ السفتجة بشكل قانوني سليم لا بد من توافر شروط موضوعية وشكلية فيها، وهي: 

أ- الشروط الموضوعية:

1- (الأهلية) أن يكون الموقّع على السفتجة أهلاً قانوناً للالتزام بها. 
2- (الرضا) أن يكون رضاه خالياً من عيوب الإرادة. 
3- (المحل والسبب) أن يكون لإلتزامه محل وسبب صحيحان قانوناً. 

ب- الشروط الشكلية:

يجب أن تحرر السفتجة بصك مكتوب، ومن الممكن أن يكون على نسخة واحدة أو عدة نسخ، ويجب أن يحتوي هذا الصك على بعض البيانات الإلزامية، إضافةً إلى بعض البيانات الإختيارية. 

أولاً: البيانات الإلزامية: 
1- ذكر كلمة سفتجة في متن الصك وباللغة المستعملة في تحريره. 
2- أمر غير معلق على شرط بأداء مبلغ من النقود. 
3- اسم المسحوب عليه. 
4- تاريخ الإستحقاق. 
5- مكان الوفاء. 
6- اسم المستفيد. 
7- تاريخ إنشاء السفتجة ومكانه. 
8- توقيع الساحب. 

وإذا ماخلت السفتجة من أحد البيانات الإلزامية المذكورة أعلاه، فإنه لا يعتد بها كسفتجة إلا في ثلاث حالات: 

الأولى: حالة السفتجة الخالية من ذكر تاريخ استحقاقها، وفي هذه الحالة تعد السفتجة مستحقة الدفع بمجرد الإطّلاع عليها. 

الثانية: حالة السفتجة الخالية من ذكر مكان الوفاء، وفي هذه الحالة يعد المكان المذكور بجانب اسم المسحوب عليه هو مكان الوفاء. 

الثالثة: حالة السفتجة الخالية من ذكر مكان إنشائها، وفي هذه الحالة تعد منشأة في المكان المذكور بجانب اسم الساحب. 

ثانياً: البيانات الإختيارية، ومنها:

- شرط عدم الضمان: يعتبر مبدأ الضمان من أهم المبادئ في نظام الأسناد التجارية، ويكون محتوى الضمان هو أن كل من يوقع على سند تجاري فإنه يضمن وفاءه لحامله إذا تخلف المدين بالسند عن الوفاء به، وبتطبيق هذا المبدأ على السفتجة يكون ساحبها ومظهّرها وقابلها وضامنها الاحتياطي مسؤولون جميعاً تجاه حاملها على وجه التضامن، ولحاملها مطالبتهم منفردين أو مجتمعين من دون أن يلتزم بمراعاة ترتيب التزام كل منهم وهذا هو الأصل، إلا أن القانون أجاز للمظهّرين اشتراط إعفائهم من الضمان، ولكن المظهّر الذي يضمّن السفتجة مثل هذا الشرط لا يستفيد منه إلا هو دون غيره. 

- شرط الوفاء في محل مختار: وهذا الشرط يفترض أن يدفع مبلغ السفتجة في موطن شخص آخر قد يكون في جهة تختلف عن جهة موطن المسحوب عليه، ويتم عادةً إدراج هذا الشرط من أجل خدمة مصالح المسحوب عليه الذي قد يكون على سفر متواصل، فخوفاً من أن تتم المطالبة بتاريخ الاستحقاق وهو غائب فينظم الاحتجاج لعدم الوفاء ضده، فإنه يقوم بإنابة مصرفه الذي يتعامل معه ليقوم بالوفاء عوضاً عنه، كما وقد يدرج هذا الشرط أيضاً لمصلحة الحامل إذا كان موطن المسحوب عليه بعيداً، فيختار مكاناً آخر للوفاء يكون قريباً من موطن الحامل المذكور. 

- شرط الرجوع من دون مصاريف: يجب على حامل السفتجة في حال رفض المسحوب عليه القبول أو الوفاء تنظيم احتجاج بذلك ليتمكّن من الرجوع على الملتزمين بالسفتجة، لكن تفادياً لما يرتبه الاحتجاج المذكور من مصاريف ونفقات وما قد يلحقه من إساءة إلى سمعة وائتمان المنظّم الاحتجاج بحقه، فإن القانون أجاز للساحب أو للمظهّر أو للضامن الاحتياطي تضمين السفتجة شرط الرجوع من دون مصاريف أو من دون احتجاج، بمعنى أن رجوع الحامل على الملتزمين بالسفتجة يكون مباشرة في حال أن المسحوب عليه لم يقبل أو لم يدفع مبلغ السفتجة، دون حاجة لتنظيم احتجاج. 

تداول السفتجة

بما أن السفتجة هي حق مالي بمبلغ معين من النقود، فإنها تنتقل بكافة الطرق القانونية التي تنقل بها الحقوق المالية، فيمكن أن تنتقل عن طريق الإرث أو الوصية أو حوالة الحق.

ونظراً لما تتطلبه المعاملات التجارية من سرعة وثقة، فقد ابتدع العرف التجاري طريقة سهلة وميسّرة لتداول السفتجة ألا وهي طريقة التظهير، وهو تصرف قانوني تنتقل بموجبه السفتجة من المظهّر إلى المظهّر له، ويثبت هذا التصرف بتدوين يدل عليه وعادة يكون على ظهر الصك، ومن هنا ظهرت تسميته.

وللتظهير ثلاثة أنواع: تظهير ناقل للحق، وتظهير توكيلي، وتظهير تأميني

1- التظهير الناقل للحق: هو أهم أنواع التظهير وأكثرها تعاملاً، وهو التظهير الذي يهدف إلى نقل الحق الثابت بالسفتجة من المظهّر إلى المظهّر له، ويشترط بهذا التظهير أن يقع على كامل مبلغ السفتجة، فالتظهير الجزئي باطل، كما يجب أن يكون باتّاً غير معلق على شرط، فإذا تم تعليقه على شرط فإن الشرط يكون باطلاً ويبقى التظهير صحيحاً. 

ويكتب التظهير على السفتجة نفسها أو على ورقة متصلة بها، ويصاغ عادةً بإحدى العبارات التالية: (وعنّي دفع المبلغ لأمر فلان) أو (ظُهّرت لفلان)، وتوضع العبارة في أي مكان من، لكن العادة جرت أن تدوّن عبارة التظهير على ظهر الصك تفادياً للوقوع في الالتباس مع التصرفات الأخرى التي ترد على صدر الصك كالقبول أو الضمان، وتذيّل العبارة المستعملة بتوقيع المظهر.

وقد أجاز القانون للمظهّر تحديد اسم المظهّر له ويسمى في هذه الحالة "بالتظهير الإسمي"، ويجوز أيضاً عدم تحديد اسم المظهّر له ويسمى في هذه الحالة "بالتظهير على بياض"، كما ويجوز أيضاً أن يكون التظهير للحامل بأن يضع المظهّر توقيعه مسبوقاً بعبارة (وعنا دفع المبلغ للحامل) فيسمة التظهير في هذه الحالة "بالتظهير للحامل". 

والتظهير الناقل للحق ينقل جميع الحقوق الثابتة بالسفتجة من المظهّر إلى المظهّر له، وللمظهّر له أن يظهر السفتجة من جديد، وهو بهذه الحالة يلتزم بضمان وفاء المسحوب عليه لها ما لم يشترط لنفسه عدم الضمان، أما إذا أبقى المظهّر له السفتجة معه فله أن يطالب المسحوب عليه بقيمتها في تاريخ استحقاقها، فإن لم يفها الأخير جاز له أن يرجع على أي من الموقعين السابقين عليها. 

2- التظهير التوكيلي: وهو التظهير الذي يعطي الحق للمظهّر له باستلام مبلغ السفتجة لمصلحة المظهّر، فقد يكون التاجر كثير التنقّل والسفر، الأمر الذي قد يعرضّه إلى إغفال المطالبة بالسفاتج التي يحملها في مواعيد استحقاقها، أو قد تكون السفاتج تستحق في مناطق بعيدة عن موطنه، لذلك كله أو لغيره من الأسباب فإن التاجر يقوم بتظهير هذه السفاتج التي يحملها إلى المصرف الذي يتعامل معه ويكلّفه بتحصيل قيمتها وإيداعها في حسابه مقابل مبلغ معين يسمى بعمولة التحصيل. ويشترط في هذا التظهير أن يتضمن صراحةً ما يفيد معنى قبض السفتجة بالوكالة. كأن يكتب المظهّر (وعني دفع المبلغ لأمر فلان والقيمة للتحصيل) ثم يوقّع تحت هذه العبارة. 

3- التظهير التأميني: ويقصد منه رهن الحق الثابت بالسفتجة ضماناً لوفاء دين للمظهّر له بذمة المظهّر أو بذمة شخص آخر، ويصاغ هذا التظهير باستعمال عبارة تدل على معناه، كأن يكتب (التظهير على سبيل الضمان) أو (القيمة موضوعة رهناً) أو غير ذلك، وتجدر الإشارة إلى أن هذا التظهير نادر الوقوع في الحياة العملية لأسباب متعددة أهمها عدم الثقة بملاءة من رهن السفتجة، الأمر الذي يقلل من إقبال الناس على التعامل بها. 

ضمانات وفاء السفتجة 

أحاط القانون وفاء السفتجة بسياج من الضمانات لكي يطمئن حاملها بالحصول على قيمتها في ميعاد استحقاقها، وتتمكن بالتالي من أداء وظيفتها أداةً للوفاء تقوم مقام النقود، ولتحقق ذلك فقد أقرّ القانون: 

1- مبدأ استقلال التواقيع الذي يقضي بأن السفتجة إذا تضمنت تواقيع أشخاص لا تتوافر لهم أهلية الإلتزام بها، أو تواقيع مزورة، أو تواقيع أشخاص وهميين، فإن التزامات الموقعين الآخرين عليها تظل مع ذلك صحيحة.

2- قاعدة تطهير الدفوع التي لا يجوز بمقتضاها للمدين بالسند التجاري أن يمتنع عن الوفاء لحامله الحسن النية مستنداً إلى الدفوع التي كان بإمكانه التمسك بها تجاه أحد الموقعين السابقين. بمعنى أن تداول السند التجاري يعمل على نقل الحق الثابت به من المظهر إلى المظهر له خالياً مطهراً من الدفوع.

3- لم يقف القانون عند هذا الحدّ، بل عني بزيادة ضمانات الحامل، إذ نقل إليه الحق بمقابل الوفاء، وأجاز له أن يعرض السفتجة على المسحوب عليه لقبولها، وأن يطلب تقديم ضمانة احتياطية. وجعل جميع الموقعين على السفتجة ملتزمين بالتضامن فيما بينهم للوفاء بقيمتها إزاء، والقبول هو تعهد المسحوب عليه بدفع قيمة السفتجة بتاريخ استحقاقها. صحيح أن السفتجة تتضمن أمراً موجهاً من الساحب إلى المسحوب عليه لدفع مبلغ معين من النقود إلى المستفيد في ميعاد الاستحقاق، لكن هذا الأمر لا يرتب التزام المسحوب عليه بالوفاء. فالأصل أن الإنسان يلتزم بإرادته لا برغبة الغير. ولهذا فالمسحوب عليه الذي لم يقبل السفتجة لا يستطيع الحامل مطالبته إلا بمقابل الوفاء الذي انتقل إليه بحكم القانون، ويحق للمسحوب عليه في هذه الحالة دفع مطالبة الحامل بجميع الدفوع المتعلقة بالمقابل المذكور، كالدفع بعدم مشروعية سببه مثلاً.
لكن إذا وقع المسحوب عليه على السفتجة بقبولها، فإنه يدخل دائرة الالتزامات الصرفية بها وينشأ في ذمته التزام صرفي مباشر إزاء الحامل. وهذا الالتزام مستقل ومنقطع الصلة بالتزامه السابق إزاء الساحب. ولذلك لا يكون في وسع المسحوب عليه دفع مطالبة الحامل بالحجج التي كان بإمكانه أن يدفع بها تجاه الساحب.
وللحامل من حيث المبدأ، الخيار في أن يعرض السفتجة على المسحوب عليه لقبولها أو لا. فقد يقدر أن المسحوب عليه لن يمتنع عن الوفاء في ميعاد الاستحقاق، لذلك فإنه يصرف النظر عن عرضها عليه للقبول. لكن ترد على هذا المبدأ بعض الاستثناءات فأحياناً يلزم الحامل بعرض السفتجة على المسحوب عليه للقبول: كأن تكون السفتجة قد تضمنت شرطاً من الساحب أو أحد المظهرين بضرورة تقديمها للقبول، أو تكون مستحقة الدفع بعد مدة معينة من الاطلاع عليها إذ يجب على الحامل هنا عرضها على المسحوب عليه لقبولها كي يمكن تحديد تاريخ استحقاقها. وأحياناً أخرى يحظر على الحامل عرض السفتجة للقبول كأن يكون الساحب قد ضمنها شرطاً بهذا الحظر.
وفي كل الأحوال، فإن المسحوب عليه ليس ملزماً بقبول السفتجة. فقد لا يكون وصله مقابل الوفاء من الساحب، أو أنه يفضل أن يدفع قيمتها بتاريخ الاستحقاق من دون أن يلتزم بها التزاماً صرفياً قبل ذلك.
تتحدد المدة التي يجوز أن يقع فيها القبول بين تاريخ تحرير السفتجة واليوم الذي يسبق تاريخ الاستحقاق. وقد يرد القبول على جزء من قيمة السفتجة لكن لا يصح تعليقه على شرط.
ويحرر القبول على السفتجة نفسها ويعبر عنه بكلمة «مقبول» أو أية عبارة أخرى تدل على معناه، مثل «قبلت» أو «سأدفع» وغير ذلك، ثم تذيل العبارة المستعملة بتوقيع المسحوب عليه.
وأهم ماينتج عن هذا القبول التزام المسحوب عليه بالوفاء، واتخاذ هذا القبول قرينة على وصول مقابل الوفاء إليه من الساحب. 

4- الضمان الاحتياطي: الضامن الاحتياطي هو الشخص الذي يكفل وفاء السفتجة على وجه التضامن مع من ضمنه إذا تخلف المسحوب عليه عن الأداء وغالباً ماتنهض المصارف بالضمان خدمة للذين يتعاملون معها.
ويقع الضمان على السفتجة أو بصك مستقل، ويجب أن يحدد فيه اسم الشخص المضمون ساحباً أو مظهّراً أو مسحوباً عليه، فإن أغفل ذلك، يعد الضمان حاصلاً لمصلحة الساحب على أساس أن الوفاء من الساحب أو ضامنه يبرئ جميع المظهّرين.
ويترتب على عملية الضمان أن يلتزم الضامن الاحتياطي بكل ما يلتزم به الشخص المضمون. كما أن الضامن، إذا نفذ الضمان ووفى قيمة السفتجة فإنه يكتسب جميع الحقوق الناشئة عنها تجاه الشخص المضمون والموقعين السابقين له. 

وفاء السفتجة 

الأصل أن يطالب حامل السفتجة بوفاء قيمتها بتاريخ الاستحقاق، وليس له أن يلزم المسحوب عليه بوفائها قبل هذا التاريخ، كما ليس للمسحوب عليه بها أن يجبر الحامل على تسلّم قيمتها قبل الميعاد المحدد للوفاء، لكن يجوز أن يمتد أجل الوفاء اتفاقياً إذا رضي الحامل بذلك، أو قانونياً كما لو حدثت قوة قاهرة، أو صادف وقوع الاستحقاق في يوم عطلة رسمية فيمتد أجل الوفاء حكماً إلى ما بعد زوال القوة القاهرة أو إلى أول يوم عمل بعد العطلة الرسمية.

ويتحدد مبلغ الوفاء بالقيمة المدوّنة في السفتجة، ومع ذلك يجوز الوفاء الجزئي وإذا مارفض الحامل وفاء جزئياً فإنه يحرم من الرجوع على الملتزمين بالسفتجة بقدر الجزء الذي عرضه المسحوب عليه للوفاء، ثم إذا وقع تحريف في مبلغ السفتجة فالحكم على أن الأشخاص الموقعين عليها بعد التحريف يلزمون بما تضمنه النص المحرف، أما الموقعون قبل التحريف فلا يلزمون إلا بما ورد في النص الأصلي.
 
ويثبت وفاء السفتجة عادة بأن يسترجع المدين بها صكها موقعاً عليه من الحامل بما يفيد التخالص أو الإبراء من الدين، وفي حال ضياع السفتجة الأصلية، فإن الوفاء يتم بموجب نسخة أخرى عنها أو بموجب أمر من المحكمة. 

الامتناع عن الوفاء والرجوع: 

إذا رفض المسحوب عليه وفاء قيمة السفتجة بتاريخ استحقاقا يحق للحامل الرجوع على الملتزمين بها لأنهم ضامنون متضامنون في وفائها، لكن لكي يستطيع الحامل ممارسة حق الرجوع يكون عليه أن يثبت امتناع المسحوب عليه عن الوفاء باحتجاج رسمي ينظم لدى الكاتب بالعدل يطلق عليه "الاحتجاج لعدم الوفاء"، ويجب أن يحرر هذا الاحتجاج خلال يومي العمل التاليين لتاريخ الاستحقاق، وقد يعفى الحامل من تنظيم الاحتجاج المذكور إذا تضمنت السفتجة شرط الرجوع من دون نفقات.

وإذا كان للحامل حق الرجوع على الملتزمين بالسفتجة لعدم وفاء المسحوب عليه بتاريخ الاستحقاق، فإن الحق المذكور يثبت له حتى قبل تاريخ الاستحقاق كما لو حصل امتناع المسحوب عليه عن قبول السفتجة أو أفلس، أو أفلس الساحب المشترط عدم تقديمها للقبول.
أما المبلغ الذي يجوز للحامل الرجوع به على الملتزمين فيتضمن قيمة السفتجة مضافة إليها الفوائد القانونية ونفقات الاحتجاج وغيرها من النفقات، ومتى استوفى الحامل المبالغ المذكورة من أحد الملتزمين كان من حق الأخير الرجوع على الملتزمين الذين يضمنونه بجميع ما دفعه إضافة إلى الفوائد المترتبة من يوم الوفاء والنفقات التي تحمّلها.

والحامل يطالب الملتزمين تجاهه إما بالطريق الودي أو عن طريق إقامة دعوى قضائية، لكن لما كان سلوك طريق القضاء يحتاج إلى وقت للحصول على حكم، ولكي لا يتمكن المدين من تهريب أمواله وتبديدها في المدة الواقعة بين رفع الدعوى وصدور الحكم بها، فإن للحامل أن يوقع الحجز التحفظي أو الاحتياطي على منقولات كل ملتزم بالسفتجة ليتمكّن من التنفيذ عليها بعد صدور الحكم. 

سقوط حق الرجوع 

يسقط حق الحامل بالرجوع على الملتزمين بالسفتجة لعلتي الإهمال والتقادم:

الإهمال: إذا لم يراع حامل السفتجة المواعيد التي حددها القانون للقيام ببعض الإجراءات مثل تقديم السفتجة للقبول أو للوفاء، وتنظيم الاحتجاج لعدم القبول أو الوفاء ضمن المواعيد المحددة لها، ويترتب على الحامل بسبب ذلك الإهمال سقوط حقوقه الصرفية تجاه المظهّرين والضامنين الاحتياطيين والساحب الذي يثبت وجود مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه بتاريخ الاستحقاق، باستثناء المسحوب عليه القابل.

التقادم: حرصاً من المشرّعين على تصفية مراكز الملتزمين بالسفتجة بسرعة وعدم بقائهم مهددين بالرجوع عليهم مدة طويلة، فقد أقرّوا أجلاً قصيراً لحياة هذا السند، بحيث لايجوز سماع الدعوى الناشئة عنه بعد انقضاء مواعيد معينة، وقد قررت أغلب القوانين العربية بأن جميع الدعاوى الناشئة عن السفتجة والمرفوعة على المسحوب عليه القابل تسقط بمضي ثلاث سنوات على تاريخ الاستحقاق، كما تسقط دعاوى الحامل على المظهّرين والساحب بمضي سنة من تاريخ الاحتجاج المقدم في المدة القانونية، أو من تاريخ الاستحقاق إن تضمنت السفتجة شرط الرجوع من دون نفقات. أما دعاوى المظهرين بعضهم على بعض أو على الساحب فتسقط بمضي ستة أشهر ابتداء من اليوم الذي يفي فيه المظهر قيمة السفتجة أو من يوم رفع الدعوى عليه.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات