تعريف المسؤولية القانونية المدنية:
هي الالتزام بتعويض الضرر الذي يسببه إخلال المدين بالتزامه، وبمعنى آخر هي المسؤولية التي ترتب جزاءً على المدين نتيجة إخلاله بالتزامه الذي أدى إلى إلحاق الضرر بالدائن.
خصائص المسؤولية القانونية المدنية:
1- تقوم على أساس الضررالذي يلحق بالفرد، وبالتالي يكون الجزاء فيها تعويض المضرور عن ذلك الضرر، ويحق للمضرور أن يتنازل عن التعويض، كما وينتقل هذا التعويض إلى ورثة المضرور في حالة وفاته.
2- تخضع المسؤولية المدنية من حيث المبدأ للقاعدة التي مفادها أن "كل خطأ ألحق ضرراً بالغير يلزم مرتكبه التعويض"، ومن ثم فإن صور الخطأ المدني غير محددة ولا محصورة، ما يجعل مجال هذه المسؤولية واسعاً جداً.
3- يمكن أن تقوم المسؤولية المدنية في بعض الأحيان بشكل مستقل دون المسؤولية الجزائية، كما هو عليه الحال فيما يتعلق بالضرر الناجم عن المنافسة غير المشروعة.
أنواع المسؤولية المدنية:
تنقسم المسؤولية القانونية المدنية إلى: مسؤولية عقدية، ومسؤولية تقصيرية.
وسنتحدث في هذا المقال عن المسؤولية القانونية العقدية، وفي مقال لاحق سنتحدث غن المسؤولية القانونية التقصيرية.
تعريف المسؤولية القانونية العقدية:
هي المسؤولية القانونية التي تنشأ نتيجة الإخلال بالتزام تعاقدي، فمثلاً في عقد البيع المنجز إذا لم يقم البائع بتسليم المبيع للمشتري على الرغم من استلامه لثمنه، فإنه يعدّ مسؤولاً عن الأضرار التي تلحق بالمشتري نتيجة ذلك.
شروط تحقق المسؤولية القانونية العقدية:
لتتحقق هذه المسؤولية، فإنه لابد من توافر الشروط الآتية:
الشرط الأول: وجود عقد صحيح بين الدائن والمدين، فإذا انتفى العقد أو كان باطلاً أو قابلاً للإبطال وتقرر إبطاله، فإنه لا مجال لقيام المسؤولية العقدية، كما وأنه لا تتحقق المسؤولية القانونية العقدية إذا وقع خطأ بعد انتهاء مدة العقد.
الشرط الثاني: أن تقوم المسؤولية بين أطراف العقد "الدائن والمدين"، فإذا ما أثيرت المسؤولية من شخص آخر خارج عن العقد، فلا تعد هذه المسؤولية من حيث المبدأ مسؤولية عقدية، ويجب الإشارة هنا إلى أنه يعد الخلف العام والخلف الخاص للمتعاقدين وكذلك المنتفعين من العقد بمثابة طرف من أطراف العقد، فإذا أثار أحد منهم مسؤولية المتعاقد الآخر فتكون هذه المسؤولية عقدية.
الشرط الثالث: أن يكون الضرر الذي لحق بأحد المتعاقدين ناشئاً عن عدم تنفيذ المتعاقد الآخر لالتزامه في العقد.
أركان المسؤولية القانونية العقدية:
الركن الأول: الخطأ العقدي: وهو عدم تنفيذ التزام ناشئ عن العقد، أو التأخر في تنفيذه، أو تنفيذه بشكل معيب.. ويقوم الخطأ سواءً أكان عدم التنفيذ عمداً أم ناجماً عن إهمال.
ويتوقف إثبات الخطأ العقدي على تحديد طبيعة التزام المدين، حيث أن الإلتزامات عموماً تقسم من حيث هدفها إلى نوعين:
النوع الأول: التزام بتحقيق غاية، ويكون تنفيذ هذا الالتزام بتحقيق تلك الغاية، فإذا لم تتحقق كان الملتزم واقعاً في خطأ عدم التنفيذ، ويترتب على ذلك أن إثبات عدم التنفيذ في الالتزام بتحقيق غاية يتم بمجرد إثبات عدم تحقق الغاية.
النوع الثاني: التزام ببذل عناية، وفي هذا النوع من الالتزامات فيعد الملتزم أنه قد نفذ التزامه متى بذل في سبيل ذلك العناية التي يبذلها الرجل المعتاد، سواء تحققت النتيجة المرجوة أم لم تتحقق، ما لم ينص الاتفاق أو القانون على خلافه، ويترتب على ذلك أن إثبات عدم التنفيذ في الالتزام ببذل عناية، يقع على عاتق الدائن ويتوجب عليه إثبات أن المدين لم يبذل القدر الواجب من العناية، وبمعنى آخر أن يثبت الخطأ في جانب المدين، وللمدين الحق في أن يدفع المسؤولية عن نفسه بإثبات أن عدم التنفيذ يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه كالقوة القاهرة.
الركن الثاني: الضرر: ويقع عبء إثبات الضرر على عاتق الدائن، ولكن إذا كان التعويض اتفاقياً "حالة الإتفاق على شرط جزائي"، فبمجرد وقوع الخطأ يعد الضررمفترضاً، وعلى المدين في مثل هذه الحالة إثبات أنه لم يلحق بالدائن ضرراً، وكذلك الحال إذا كان الضرر ناتجاً عن التأخر في أداء مبلغ من النقود، حيث يكون الضرر هنا أيضاً مفترضاً، ولكنه لا يقبل إثبات العكس، ومن ثم يستحق الدائن التعويض، وهو فائدة تلك النقود، دون أن يكلف بإثبات الضرر.
والضرر قد يكون مادياً: وهو ما فات الدائن من كسب وما لحقه من خسارة، أو قد يكون أدبياً: وهو ما يؤذي الشخص في نواح معنوية كالشرف أو الكرامة أو العاطفة.
ويشترط في الضرر أن يكون محققاً أي أكيداً ومباشراً ومتوقعاً وقت التعاقد، ولا يسأل المدين في المسؤولية العقدية عن الضرر غير المتوقع إلا إذا كان ناشئاً عن غش أو خطأ جسيم.
الركن الثالث: العلاقة السببية بين الخطأ والضرر: ومعنى ذلك أنه يجب أن يكون الخطأ العقدي الذي ارتكبه المدين هو السبب في إلحاق الضرر بالدائن.
ويقع على عاتق الدائن إثبات هذه العلاقة السببية، إلا أنه متى أثبت الدائن الخطأ والضرر، فإن العلاقة السببية تعتبر مفترضة بينهما قانوناً، ولكن هذا الافتراض يقبل إثبات العكس، ومن ثم يمكن للمدين إثبات أن الضرر لم ينشأ من خطئه، وإنما نشأ من سبب أجنبي، ويترتب على ذلك دفع المسؤولية عنه.
تعليقات
إرسال تعليق