المقصود بالأنظمة السياسية:
هي مجموعة الأنظمة التي تطبقها دول العالم، بناءً على نصوص قانونية وأحكام خاصة بطبيعة حكم كل دولة، والتي من خلالها تسعى إلى تطبيق مفهوم القانون الدستوري بشكل صحيح، ويرجع ظهور الأنظمة السياسية إلى بداية العصور الفكرية عند الناس، والتي ارتبطت بظهور العلوم الإنسانية الأولى كالفلسفة، وعلم الاجتماع، والمعتقدات، والآراء الفكرية، والتي أدت إلى صياغة مجموعة من التوجهات الفردية التي تطورت مع الوقت وانتشرت بين الناس الذين قرروا أن يتبنّوا توجهاً من هذه التوجهات الفكرية لتتحول إلى نظام حُكم سياسي للدول.
أنواع الأنظمة السياسية:
هناك العديد من الأنظمة السياسية المتبعة في مختلف دول العالم، والتي يحرص القانون الدستوري في كل من تلك الدول على المحافظة عليها لضمان قيام أركان الدولة، والمحافظة على النظام القانوني فيها وتحقيق الإستقرار السياسي، وسنتحدث عن أهم أنواع تلك الأنظمة وأهم خصائص كل منها..
النوع الأول: النظام البرلماني:
وفقاً لهذا النظام فإن رئيس الوزراء في الدولة يكون هو رئيس السلطة التنفيذية، ويتم انتخابه بطريقة غير مباشرة من خلال البرلمان، وهذا الأخير يتم انتخاب أعضائه من الشعب مباشرةً، والحزب الفائز بأغلبية مقاعد البرلمان هو من يقوم بإختيار رئيس الوزراء، وبمعنى آخر فإن الحزب الحائز على أغلبية مقاعد البرلمان هو من يقوم بتعيين رئيس السلطة التنفيذية، وتعتبر المملكة المتحدة من أهم الدول التي تأخذ بهذا النظام السياسي.
وفي هذا النظام يكون هناك خلط صريح وواضح بين أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية، فرئيس السلطة التنفيذية يكون بالأساس عضواً في البرلمان، وإنه غالباً عندما يقوم بتشكيل الحكومة فإن أغلب الوزراء الذين يتم اختيارهم يكونوا أعضاء في البرلمان أيضاً، أي أنهم سيملكون سلطتين في ذات الوقت، فهم تنفيذيين كأعضاء في الحكومة، وتشريعيين كأعضاء في البرلمان.
ويكون من حق البرلمان سحب الثقة من رئيس الوزراء، وفي هذه الحالة يتوجب عليه تقديم استقالته، وبالمقابل فإنه يكون من حق ريس الوزراء حلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة.
إن هذا النظام قد يؤدي في الغالب إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي في الدولة، وخاصة في حالة وجود أحزاب كثيرة ذات نفوذ في الدولة، وليس حزبين قويين متنافسين فقط، وفي هذه الحالة فإنه لايحصل حزب واحد من بين تلك الأحزاب الكثيرة على أغلبية مطلقة في البرلمان، فيجبر الحزب الذي يرغب بتشكيل الحكومة على التحالف مع حزب آخر أو أكثرفي البرلمان حتى يتمكن من تشكيل الحكومة، وهذا قد يؤدي إلى حدوث مشكلة كبيرة، فقد تصبح أحزاب صغيرة لا يتعدى عدد مقاعدها 4 - 5 مقاعد في البرلمان تتحكم بأحزاب كبرى في الدولة، فتستطيع تشكيل الحكومة أو حلّها أو تمرير قوانين لمصلحتها وتمنع الأحزاب الكبيرة من المشاركة، وهذا سيؤدي إلى عدم استقرار في الدولة، فعند حدوث مشكلة بين الأحزاب المشكّلة للإئتلاف الحكومي قد يستقيل بعض الوزراء أو حتى وزير واحد ما قد يؤدي إلى سقوط الحكومة وبالتالي عدم الاستقرار الحكومي.
النوع الثاني: النظام الرئاسي:
وفقاً لهذا النظام فإن الشعب يقوم بإنتخاب الرئيس مباشرةً عن طريق انتخابات مستقلّة، ويكون هذا الرئيس المنتخب هو صاحب السلطة التنفيذية في الدولة والمسؤول عن إدارة ومتابعة أمورها، ولايمكن للبرلمان في هذا النظام أن يقيل الرئيس بل العكس فإن الرئيس يمكنه إقالة البرلمان والدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من أهم الدول التي تأخذ بهذا النظام السياسي.
ويعتبر هذا النوع من الأنظمة السياسية مثالياً جداً للدول ذات النضج السياسي وذات التجربة الديمقراطية المتكاملة، فهو يؤمن استقرار الحكومة والاستقرار السياسي للمرحلة الإنتخابية كاملةً، ويمنح حرية أكبر لعمل الحكومة، كما ويكون للبرلمان حرية أكبر في المناقشة وممارسة الأعمال التشريعية.
ويعاب على هذه النظام بأنه قد يؤدي إلى الإستبداد والدكتاتورية والهيمنة على الدولة سياسياً ودستورياً من قبل رئيسها، كما أن هذا النظام يلغي مبدأ المسؤولية السياسية ذلك لأن لايمكن مساءلة الريس من قبل البرلمان، كما أن هذا النظام لا يقوم على الفصل الحقيقي بين السلطات.
النوع الثالث: النظام المختلط - شبه الرئاسي/ شبه البرلماني:
هو مزيج بين النظامين البرلماني والرئاسي، فهو بالأساس نظام برلماني أضيف إليه بعض التعديلات التي تمنح رئيس السلطة التنفيذية صلاحيات أوسع إذا ما تمت مقارنتها بما يتمتع به الرئيس من صلاحيات ضيقة نوعاً ما في النظام البرلماني البحت، ووفقاً لهضا النظام فإن رئيس الدولة هو الذي يهيمن على السلطة التنفيذية بمساعدة ومشاركة الوزارات في الدولة، وتكون تلك الوزارات فقط هي المسؤولة أمام البرلمان والمنوط بها اعتماد المبادئ التي يقرها هذا البرلمان، وتعتبر فرنسا من أهم الدول التي تأخذ بهذا النظام السياسي.
ويقوم هذا النظام على انتخاب رئيس الدولة من قبل الشعب مباشرةً، ويكون رئيس الدولة هو رئيس مجلس الوزراء أيضاً، ويقوم رئيس الدولة باختيار وتعيين الوزير الأول وفقاً لسلطته التقديرية، ويقوم أيضاً بتعيين الوزراء وإقالتهم، كما ويقوم بتعيين كبار الموظفين كأعضاء المجلس الدستوري وبعض شاغلي المناصب المدنية والعسكرية العليا في الدولة.
إن هذا النظام يعطي رئيس الدولة صلاحيات أكبر في ممارسة السلطة التنفيذية والتي تشمل شؤون الأمن الداخلي، وتولي القيادة العليا للجيش والقوات المسلحة، ورئاسة المجالس واللجان العليا للدفاع الوطني، ويدير أمور السياسة الخارجية للدولة، فهو يمثل البلاد في الخارج وفي الإجتماعات الدولية ويبرم الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ويقبل تعيين رؤساء وممثلي البعثات الدبلوماسية في الدولة، ويعين السفراء والبعثات الدبلوماسية في الخارج، وغيرها من الأعمال الأخرى.
تعليقات
إرسال تعليق